سورة الأنبياء - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنبياء)


        


{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31)}
{كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا} الرتق مصدر وصف به، ومعناه الملتصق بعضه ببعض الذي لا صدع فيه ولا فتح، والفتق: الفتح فقيل: كانت السموات ملصقة بالأرض ففتقها الله بالهواء، وقيل كانت السموات ملتصقة بعضها ببعض، والأرضون كذلك ففتقهما الله سبعاً سبعاً، والرؤية في قوله: {أَوَلَمْ يَرَ} على هذه رؤية قلب، وقيل: فتق السماء بالمطر وفتق الأرض بالنبات، فالرؤية على هذه رؤية عين.
{وَجَعَلْنَا مِنَ المآء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} أي خلقنا من الماء كل حيوان، ويعني بالماء المنيّ. وقيل: الماء الذي يشرب لأنه سبب لحياة الحيوان، ويدخل في ذلك النبات باستعارة {رَوَاسِيَ} يعني الجبال {أَن تَمِيدَ} تقديره كراهية أن تميد {فِجَاجاً} يعني الطرق الكبار، وإعرابه عند الزمخشري حال من السبل، لأنه صفة تقدّمت على النكرة {لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} يعني في طريقهم وتصرفاتهم.


{وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)}
{سَقْفاً مَّحْفُوظاً} أي حفظ من السقوط ومن الشياطين {عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ} يعني الكواكب والأمطار والرعد والبرق وغير ذلك {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} التنوين في {كُلٌّ} عوض عن الإضافة أي: كلهم في فلك يسبحون يعني؛ الشمس والقمر، دون الليل والنهار، إذ لا يوصف الليل والنهار بالسبح في الفلك فالجملة في موضع حال من الشمس والقمر أو مستأنفاً، فإن قيل: لفظ كلّ ويسبحون جمع، فكيف يعني الشمس والقمر وهما اثنان؟ فالجواب: أنه أراد جنس مطالعها كل يوم وليلة، وهي كثيرة قاله الزمخشري وقال القزنوي: أراد الشمس والقمر وسائر الكواكب السيارة، وعبر عنهما بضمير الجماعة العقلاء في قوله: {يَسْبَحُونَ}، لأنه وصفهم بفعل العقلاء وهو السبح، فإن قيل: كيف قال في فلك، وهي أفلاك كثيرة؟ فالجواب أنه أراد كل واحد يسبح في فلكه، وذلك كقولهم: كساهم الأمير حلة أي كسا كل واحد منهم حلة، ومعنى الفلك جسم مستدير، وقال بعض المفسرين: إنه من موج، وذلك بعيد، والحق أنه لا يُعلم صفته وكيفيته إلا بإخبار صحيح عن الشارع، وذلك غير موجود، ومعنى يسبحون يجرون، أو يدورون، وهو مستعار من السبح بمعنى العوم في الماء، وقوله: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ} من المقلوب الذي يقرأ من الطرفين.


{وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34)}
{وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الخلد} سببها أن الكفار طعنوا على النبي صلى الله عليه وسلم بأنه بشر يموت، وقيل: إنهم تمنوا موته ليشتموا به، وهذا أنسب لما بعده {أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ الخالدون} موضع دخول الهمزة فهم الخالدون وتقدمت لأن الاستفهام له صدر الكلام.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8